Sunday, January 6, 2008

مافيش في البنك فكة .. اضحك مع بنوك مصر



وفي مصر كثير من المضحكات ولكنه ضحك كالبكا
رحم الله عمنا المتنبي إذ انه بالظبط يصف حال مصر .. يصف الأمر الذي حدث معي ومع عملاء البنك في صباح يوم الخميس
فقد ذهبت يوم الخميس الماضي إلي بنك مصر فرع المعاملات الأسلامية لكي اسحب الأرباح النصف سنوية لأني - بصراحة كنت محتاج قوي للفلوس –
البنك يبدأ عمله الساعة الثامنة والنصف وانا كنت هناك الساعة التاسعة إلا الربع ورغم ذلك كان رقمي هو السادس والأربعون وكان المتعامل مع الشباك هو العميل السابع واضطررت انا بالطبع لأنتظار 39عميل حتي يأتي الدور علي وخطر علي بالي سؤال لحظتها اذا كنت انا قادم الساعة التاسعة إلا ربع وانا رقم 46 فهل هؤلاء الذين كانوا رقم 1أو 2هل كانوا بايتين امام البنك ؟
لا اريد ان احدثك هنا عن بطأ التعامل في البنك رغم ان هناك اكثر من ستة شبابيك إلا ان الذي يتعامل مع الجمهور هم 3 فقط حتي انني اضطررت للأنتظار اكثر من ساعتين حتي جاء الدور علي
الشيء الذي اريد ان اذكره هنا انني بينما كنت اتابع العملاء من حولي اثناء فترة الأنتظار الطويلة حدث امر عجيب امر مثير للضحك ولكنه الضحك الذي يبكي مثل ما قال المتنبي فبعد ان انهت احد العميلات تعاملها واخذت المال طلبت من موظف البنك ان يفك لها الفلوس – كان معها ورقات بخمسين تريد فكها – حولها الموظف لموظف الخزينة الذي كان يعد فلوس بها الفكة التي تريدها المرأة ولكنه رد عليها بكل قلة ذوق ماعييش فكة – لا حظ ان البنك المفروض انه اسلامي والمفروض ان يتعامل مع عملائه معاملة اسلامية –
ردت المرأة في اندهاش: ما الفكة اهة ( واشارت إلي الأموال التي يقوم بعدها )
فقال الرجل بكل صلف : انا بشتغل دلوقتي ماقدرش افكلك – وكأن فكه للأموال تكرم منه علي المرأة وليس جزء من عمله –
بعد ان وجدت المرأة ان كل الأبوب مغلقة مع موظف الخزينة ذهبت لموظف الشباك مرة اخري واخبرته بما حدث فقال الرجل وهو يرسم علي وجهه ابتسامةليس لها اي معني : معلش بقي مش هنقدر نفكلك مافيش فكة
فردت المرأة : امال افك منين اذا كان مافيش في البنك فكة
فرد الرجل بعدم مبالاة : ماعرفش
خرجت المرأة وهي مازالت مندهشة إذ يبدو ان ما حدث دربا من الخيال
( اصله بجد يعني مادام مافيش في البنك فكة الناس تفك الفلوس منين )
ان ماحدث يستدعي التوقف والتأمل فما حدث هو نموذج لتعاملنا مع بعضنا البعض ومع تعامل الموظف المصري ونظرته للعمل
فموظف الخزنة كان يمكنه بكل سهوله بعد ان ينتهي من عد النقود التي معه ان ان يفك النقود للمرأة كل ماكان سيفعله ان يأخذ هذه ويضعها مكان هذه لم يكن الأمر سيستغرق معه دقيقتان او ثلاثة ولكن المرأة كانت ستنصرف راضية مسرورة بدل من ان ترحل وهي غير راضية بالمرة
كانت عندما ترحل سوف تحدث اهلها واصحابها عن ذلك الموقف وان الموظف فك لها النقود ونفذ لها ما ارادت مما كان سيشجع الأخرون علي التعامل مع البنك كانت ستصنع له دعاية وسمعة جميلة ومشجعة مما يترتب عليه ان يزيد مرتب هذا الموظف بعد ان يزيد عدد المتعاملين مع البنك بدل من الدعاية السلبية التي سوف تصنع له فأول سؤال ستسأله المرأة عملتي ايه في البنك ؟ الرد : عاملوني وحش ومارضيوش يفكولي الفلوس رغم انهم كان عندهم فكة
وسينتقل هذا الأمر من محيط الأسرة إلي العائلة إلي الأصدقاء إلي زملاء العمل إلي داوئر اكبر واكبر مما سيكون له اثر سلبي بالتأكيد علي البنك فحتي لو ان احدا كان يفكر ان يضع نقوده هناك قد يتردد اويغيررأيه بالمرة – إذ لما اضع نقودي عند اشخاص يتغرون علي ولا يصنعون لي ما اطلب رغم انهم يعيشون من نقودي –
ان الموظف المصري ينظر للعمل علي اعتبار انه سجن ولا بد منه يتعامل معه بتقزز وتنفر وروتينية كبيرة لا فرق بين موظف اداري في دوائر الحكومة او موظف في مهنة يحلم بها الكثيرون مثل موظف البنك نفس القرف والصلف والروتينية والنظر تحت الأقدام فهو لا ينظر بعين المستقبل انه لو ادي عمله كما ينبغي سوف يزداد عملاء البنك ويزيد مرتبه ولكن ينظر إليه بصورة روتينية من منطلق انه كدةكدة هيقبض مرتبه اخر الشهر ومش مهم العملاء يكونوا مبسوطين او يتحرقوا بجاز طالما انه كدة كدة هيقبض
الأمر الأخر اننا كثيرا ما نشكوا من سوء تعاملنا مع بعضنا البعض ولكن الغريب اننا نشكوا ونصنع ما نشكوا منه فتكون النتيجة ما يحدث .. واقع مرير نحن صنعناه بأـيدينا ولم نفكر في تغييره بأنفسنا كل واحد ينتظر ان يبدأ الأخر ولم يفكر هو ان يبدأ رغم انه لوبدأ هوسوف يجد مردود محاولاته هذا سريعا ثم شيئا فشيئا يتغيرالواقع المرير الذي نشكوا منه وتصبح دنياتنا وأخرتنا ايضا افضل بكثير
ولكن المشكلة اننا نتكلم كثيرا ولا نصنع شيء
ملحوظة هامة : لوحة البوست من تصميم صديقتي الفنانة الجميلة مروة بكر
فلها مني كل الشكر والتحية

No comments: