Saturday, March 30, 2013

شحات الانسانيه ..قصة قصيرة جديده



- انت إيه اللي بتدهولي ده جنيه! انت اعمي .. انا عايز اقل حاجة 5 جنيه.
- 5جنيه ليه؟ تكونش على ذمتى وانا مش داري.
- ايه ..انت فاكر ان انا بشحت منك.
- لاء العفو..انت بتديني من خزاينك يا مولاي.
- انا مش باخد الفلوس دي علشاني ياغبي .. انا باخدها علشان المستقبل.. علشان الانسانيه.
- كده.. طب هات بقي ..وابقي خالي طنط انسانيه تديلك يا كوكو.
- انا غلطان ان انا بتكلم مع واحد صفيق ومتخلف زيك.
- وبتشتم كمان .. طب خد.
- انت بتمد إيدك عليا يا حيوان .. طب خد.
بعدها ونحن في المقهي ظلت احاول تهدئته وانا اعطيه كوب المياه الذي اصر أن تكون معدنية...   
لا اعرف ما الذي جذبني إليه، ولكن منذ ان صعد إلي المترو وتلاقت الاعين وشيء اكبر مني بداخلي اخبرني اننا سنقترب كثيرا ..  كشهاب خاطف جعل اعيننا جميعا تتسمر عليه .. هو الشاب الثلاثيني بقوامه الممشوق وبدلته الكاملة التى تتألق شياكتها كقمر ساطع برغم من (بهدلتها) وجرافتته الحمراء التى تزينها كعقد التاج على وجه أمير يطل كفرس جامح لايثنيه اعياءه عن التمرد والانطلاق ، وشعره المصفف بعنايه محروس بالجل يلمع كقائد مظفر بين جنوده ..
للحظات تملكتنا دهشة موجعه كأن يضربك احدهم بالفأس على رأسك فتلتفت لا تجد احدا ..ونحن نراه يمشي بيننا مادا يده طالبا المعونة .. ولكن سرعان ما كسرت حالة الصمت المدويه وبدأ التندر والسخريه.. حتى قرر احدهم أن يلقي حجرا في البحيره الراكده فانطلقت بركانا يغلي ...
- تصور يا استاذ ..إلا قولي انت اسمك إيه ولا بتشتغل إيه؟ - لم ينتظر ردا مني إذ اكمل كشلال هادر- واحد زيي معاه ماجستير في علوم الفضاء وبيحضر للدكتوراه مرتبه كام من اكاديميه البحث العملي ؟500 جنيه .. تقدر تقولي اصرف بيهم ازاي على نفسي وعلى ابحاثي وكتبي والدكتوراه.. عارف الدكتواره بتاعتي عن إيه؟عن التنميه في كوكب المريخ ..عارف لو المشروع ده تم ازاي ممكن نحل كل مشاكل الناس اللي على كوكب الارض.. انا مش بشحت ولا بمد إيدي ليا .. انا اقدر اعيش باقل من 500 جنيه دول.. انا بعمل كده علشان البحث.. بمد إيدي علشان اصنع المستقبل ..علشان الانسانية  
حاولت ان اهدئه فقلت مداعبا:
- طب ماتشوف لنا بحث على كوكب الأرض حتى لما نشوفله سبونسرتبقى سهلة. 
كآدم الذي ارتكب الخطئيه انفجر في:
- ماحنا طول ما بنفكر بالطريقه دي هنفضل بالحال ده ..لازم نبص لبكره .. بكره يا استاذ.
بعدها لم تمضي سوى لحظات قليلة حتى هبت الموجة الثانية من البركان عندما جائه القهوجي بكوب الليمون:
- إيه ده يا حيوان جايب الكوباية مش نضيفة وبقايا التفل فوق الوش .. لحد امتى هنفضل كده بنكسل نشتغل ولما بنشتغل بنستتقل نتقن شغلنا.
 وكأي صاحب جلد سميك رد القهوجي في غضب:
- إيه ياعم انت في إيه.. ماتحترم ذاتك.
لحظتها ابى جارنا إلا ان يضع بصمته فصاح غاضبا:
- ايه عم انت ماتعملك قفلة .. من الصبح عمال تزعق وماحدش عاجبك.
- وانت مالك انت يا غبي بتتدخل ليه؟!
في تلك اللحظة بذلت اقصى جهدي أن ابعده عن تلك الدائرة السوداء التى بدأت تتجمع عليه إلا أنه كجذر عنيد يضرب طوله في اقصى اعماق محيط الأرض رفض أن يتزحزح أو حتى أن يستمع لي .
بعدها لم استطع أن امنع تلك الدموع التى صرخت على وجهي وأنا ابتعد وأراه يزآر من  وجع اللكمات التى كانت تنهال عليه ، ورغم وحشيه بطشها لم تستطع أن توقف زئير كلماته..
شلال من الاسئله انفجر بداخلي وقتها ولكني للاسف لم استطع أن أجد أي اجابة..............